About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Thu, Sep 18 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 234

الشيخ : ... لإدراك تكبيرة الإحرام ، هذا مما لم يرد لا سلبًا ولا إيجابًا ، خلص أم في النفس ما فيها ... وأنا أجيب الجواب .

السائل : خلص .

السائل : حكم الصيام في بلد إسلامي ... اختلاف المطالع يعني .

الشيخ : ارفع صوتك .

السائل : الحكم الصيام في بلد إسلامي  ... مع العلم أن الرؤية ظهرت عندهم ... في بلد إسلامي وأصبحوا صائمين وفي البلد الثاني أصبحوا مفرطين لعدم رؤيتهم إياه مع علمهم أن القطر الإسلامي صائم  ؟

الشيخ : يعني تريد أن تقول أنه إذا روئي الهلال في بلد ، هل يلزم الآخرين الصيام في البلد الآخر ، ولم ير الهلال هناك ، هل تريد هذا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : المسألة فيها خلاف بين العلماء والصحيح ، هو ما يدل عليه قوله عليه السلام ، موجهًا خطابه للأمة كلها : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُم عليكم فأتموا الشهر ثلاثين يومًا )، فإذا ثبت رؤية الهلال في بلد فعلى البلاد الأخرى أن يتّبعوا هذا البلد في الصيام ولو أنهم اتبعوا بلدًا آخر في الخروج من الصيام ، لا يهم ، إنما المهم أن يكون الشهر في صيامهم إما أن يكون ثلاثين يومًا ، أو على الأقل تسع وعشرين يومًا ، فالصحيح من أقوال العلماء أن الخطاب لجميع الأمة ، فإذًا روئيا الهلال في مكان ما ، فعلى جميع الأمة أن يصوموا ، هذا طبعًا إذًا بلغهم الخبر ، أما إذا ما بلغهم الخبر ، فحينئذٍ يصومون برؤية بلدهم ، هذا جواب سؤالك .

السائل : حكم الاعتكاف في شهر رمضان  هل هو واجب أو مستحب وفي أي مسجد يكون ؟

الشيخ : يكون واجهًا إلا إذا نذره الناذر ، أما هو فليس بواجب وإنما هو سنة ، وبصورة عامة أمره مستحب ، لكنه يتأكد هذا الأمر المستحب برمضان ، فيسن ؛ لكن لا يسن الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ، كما لا يُسن شد الرحل والسفر إلى مسجدٍ من مساجد الدنيا إلا إلى ثلاثة مساجد ، كذلك الحكم بالاعتكاف ؛ لقوله عليه السلام : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) كما قال : ( إنما تشد الرحال أو لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ) وذكرها وهي معروفة والحمد لله .

الشيخ : غيره .

 

السائل : إذا فرغ الإمام من الصلاة المكتوبة ، هل يجلس إمام المصلين فترة انقضاء الصلاة أم ينصرف ؟

الشيخ : إن شاء انصرف ، وإن شاء جلس ؛ ولكن لا يجلس لختم الصلاة ؛ لأن الصلاة انختمت بقوله السلام عليكم .

السائل : أرجوا التوضيح جزاك الله خيرا .

الشيخ : ليس من السنة أن يجلس الإمام بعد الصلاة وأن يجتمع هو ومن خلفه بالإتيان بالأوراد ، سواءً أفرادًا أو بصوتٍ واحد ، في كل الأذكار أو في بعضها ثم يختم ذلك بالدعاء ، ورفع اليدين بعد الصلاة فهذا ليس له أصل بالسنة ، الإمام مخير إن شاء كما جاء في السنة لبث في مكانه قبل أن ينصرف يمينًا أو يسارًا ، بقدر ما يقول ( اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ثم ينصرف إن شاء أو إن شاء جلس ، وقرأ ما تيسر له من الأذكار والأوراد ، المعروفة دُبر الصلاة دون أن يلزم من حوله ، بشيء مما هو يقرأه وإنما كل بما يتيسر له ، ... ثم لا يختم الصلاة بالدعاء لا لنفسه ، ولا للجمهور الذين من حوله إن دعا دعا كلمات يسيرات وانصرف ؛ لأن الدعاء دبر الصلاة خارج الصلاة لا يُسن بصورة عامة إلا لأمرٍ عارض ، وبصورة خاصة أن يدعوا هو ويؤمن المقتدون على دعاءَه ، وهذا ما يعرف عند المتأخرين بختم الصلاة ، فهذا الختم لا أصل لها ، وإنما الذي له أصل هو سلم على اليمين وعلى اليسار ، ثم جلس بمقدار " اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام " فإن شاء جلس ويقرأ من الأوراد كما ذكرنا ، وإن شاء انصرف ، وتأخر من تأخر من المقتدين كل منهم يأتي ما تيسر له من الأذكار والأوراد ... .

 

السائل : أستاذ تفسير كلمة " لا ترد يد لامس " الرجل الذي جاء يسأل الرسول عليه الصلاة والسلام ، فهل المقصود أنها كانت تفعل الفحشاء أم ماذا يعني ؟

الشيخ : لا ، لا ليس هذا هو المقصود ، وإنما المقصود إنها كانت امرأة بسيطة غريرة ، طيبة القلب لا تنتبه لمكر الشباب ، وقد يمد أحدهم إلى شيء من بدنها ويصدف أن زوجها يرى ذلك ، فتأخذه الغيرة ، وهي ليست هناك ، يعني بسيطة ، فهذا هو المقصود ( لا ترد يد لامس ) مستحيل أن يكون المقصود أنها تطاوع كل من أرادها ؛ لأن الأمر لو كان كذلك معناه أن الزوج يتهمها بالفاحشة حينئذٍ يأتي الأمر بمطالبة أربعة شهود ، أو الملاعنة ولم يقع شيء من ذلك ، وإنما لما قال عليه السلام طلقها ، لو كانت الأولى قضية الفاحشة فكان ما قال طلقها ، لقال أقم الشهود وإلا  رجمناك أو جلدناك قال إني أحبها ، قال فأمسكها ، فإذًا القضية تتعلق بمقدمات الفاحشة من جهة ، ومن جهة أخرى هي لا تقصد هذه المقدمات لبساطتها ، وليعني طيب قلبها .

السائل : يعني لا يُعتبر ديوثًا ؟

الشيخ : لا ، غيرة .

 

السائل : شيخنا بالنسبة للزوج يجلد أو يلاعن ؟

الشيخ : يلاعن ، إذا لم يأت بالشهود .

السائل : وليس عليه جلد ؟

الشيخ : آه .

السائل : إذا ما لاعن .

الشيخ : أي نعم ، لابد من الملاعنة .

السائل : أو الجلد .

الشيخ :  لا الزوج بس الملاعنة ، غيره .

السائل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز عن أمتى ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به ) ، فكيف نحن مؤاخذون بالحسد وسوء الظن ، فالحسد لم نتكلم به ولم نعمل به .

الشيخ : أي نعم ... قبل الإجابة أقول أنت في الرواية كررت به مرتين ، وإنما هو مرة واحدة ، هل أحسست بهذا أم لا ؟

السائل : كيف يا شيخ ؟

الشيخ : وهو الحديث : ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تتكلم أو تعمل به ) أنت قلت ما لم تتكلم به أو تعمل به .

السائل : سبق لسان .

الشيخ : آه ، من أجل هذا أنا أنبه ،

السائل : جزاك الله خيرا .

الشيخ : ... من أجل صحة الرواية ، أما الجواب فمن أين لنا أن الإنسان لمجرد الحسد أو سوء الظن القائم في النفس يؤاخذ عليه ، من أين لنا هل عندك دليل ؟

السائل : إنما يعني ظواهر النصوص تدل على أنه فعل قبيح .

الشيخ : فعل قبيح صحيح ، ولكن البحث ليس هنا في حدود طرحك للسؤال ، لم يكن سؤالك هذا قبيح وإلا ليس بقبيح ، وإنما  كان السؤال واضحًا جدًا ، كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين أننا نعاقب ونؤاخذ على الحسد وسوء الظن ، أليس كذلك كان السؤال ؟

السائل : نعم ، نعم .

الشيخ : ولذلك جاء السؤال على السؤال من أين لنا أن الذي حسد أو أساء الظن بأنه يعاقب ؟ هنا الجواب أن الحسد وسوء الظن الذي يعاقب به الإنسان هو ما ظهر على أعماله ، وعلى أفعاله ، أما مجرد حسد في قلبه أو سوء ظن في نفسه في أخيه ، فهذا ليس عندنا ما يدل على أنه يؤاخذ عليه لكنه قبيح ولا شك ؛ لأن هذا من باب الدندنة حول الحمى ؛ ولذلك جاء في بعض الأحاديث وأنا لا أذكر أنه صحيح ، ويغلب على ظني أنه ضعيف وهو مسجل بلا شك في بعض كتبي : " إذا حسدت أو إذا أسأت الظن " الآن يختلف عليَّ الأمر ، المهم في كلمة ( فلا تحقق ) شايف ، فلا تحقق ، والتحقيق لا يكون إلا بإظهار أثر الحسد في كلامه على الأقل إن لم يكن هناك عمل من الكيد والمكر به ؛ ولذلك فهناك يعني عفو عظيم جدًا لهذه الأمة أنه لا يؤاخذ المسلم ما لم يظهر ما في نفسه من النوايا السيئة على عمله أو على لسانه ؛ ولذلك نحن نقول الجمع واضح جدًا ، بأن نفهم أن التحذير من الحسد ومن سوء الظن ، ماشي خشية أن يكون له آثار سيئة عملية في حياة الحاسد أو المسيء للظن ، فقوله ما لم يتكلم أو يعمل به هو جواب صريح لسؤالك ، أي الحسد وسوء الظن ما لم يعمل أو يتكلم به ، فهو عفوُ ، والله متجاوز عنه ، لكن من الناحية التربوية هل نقول للمسلم احسد ولا تعمل ، لا بنقول له أبعد عن الشر ما استطعت إليه سبيلا ، أظن وضح الجواب إن شاء الله ؟

السائل : في تقسيم الحسد لبعض أهل العلم إلى درجة العزم وهم النفس وما شابه ذلك  العزم يؤاخذ عليه أم ما دون ذلك ما يؤاخذ عليه ؟

الشيخ : ... هذا ليس بالطبع هذا القيد ، ليس خاصًا بالحسد ، أو بسوء الظن بكل شيء هو ينويه من السيئات ، لكن هذا الحديث بارك الله فيك ، الحديث الذي ذكرته أنت من قبل هو الحكَم الفصل في هذا الموضوع ؛ لأنه قال ( تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ... ) استقر أو لم يستقر ؛ لماذا ؟ لأنه قال ( ما لم يتكلم أو يعمل به ) ، فهذا الحديث لا يحتاج إلى تقيد أبدًا ؛ لأنه عمم ثم خصص قال : ( إن الله تجاوز لي عن أمتي كل ما يجول في نفوسها ) ثم استثنى قال : ( ما لم تتكلم أو تعمل به ) ، فإذًا من الفلسفة المقيتة أن يأتي المسلم وهو الذاكر أما الخطأ هذا لا أحد ينجو منه ، وهو ذاكر بهذا التعميم ثم لهذا الحصر ، فنقول إلا كذا وإلا كذا ، واضح الجواب ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ولعلك تستحضر بعض الأدلة التي أنا أسميها بحقٍ شبهات لهؤلاء الذين يفرقون بين الهم والعزم ، هم يفصلون تفصيلا نفسيًا مطابقًا للواقع ، فيقولون أول شيء الخاطر ثم الهم ثم العزم يعني الإنسان كإنسان عادي طبيعي لما بده يعمل شر ، باله خالي من هذا الشر يخطر في باله خاطرة ، أنه مثلا يروح على السينما ، هذه خاطرة ، فإذا ما استقرت هذه الخاطرة ، وتمكنت من نفس صاحبها ، ولم يبق بينه وقبل ذلك بهم ، كل ما اشتدت في نفسه هذه الخاطرة ، ينتقل إلى مرحلة إيش ؟ الهم ، فإذًا لم يبق إلا إخراج هذا الذي هم به ، إلى حيز العمل ، لم يبق هناك إلا العزم ، هذا تفصيل فقهي ، وربما أقول متحفظًا ربما يكون لغويًا ، وإن كنت لا أشعر بأن ثمة فرقًا بين هم وعزم ؛ لأن الله يقول : (( ولقد همت به وهم بها )) لكن هكذا يقولون يفرقون فيقولون خاطرة ، فالهم فالعزم ، فإذًا عزم على المعصية ولم يعملها أخذ عليها ، يقول أولئك الذين أشرت إليهم ، لكن هذا يتنافى مع أحاديث كثيرة ، إلا أنهم وهنا كان مقصد سؤالي لعلك تذكر بعض أدلتهم التي أنا أسميها بالشبهات ، تذكر ؟

السائل : أقول نصوص عامة أتت في السنة بنفي أو ....

الشيخ : لا ، نحن نقول الآن ليس من باب التحاسد وإساءة الظن ، كمبدأ عام يعني ، هم يريدون مثلا إشكالا ، قوله عليه السلام : ( إذا تقاتل المسلمان ) ... ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) قالوا هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال عليه السلام : ( أراد أن يقتل صاحبه ) ، يستدلون بهذا الحديث كما أنهم يستدلون بحديث بكبش النار ، يلي فيه أيضًا أنه المسلم الذي يتصدق ويعمل خير ، وآخر يتمنى أن يفعل مثله ، يقول الرسول ( فهما في الأجر سواء ) ، في أحد منكم يذكر هذا الحديث ؟ المهم الشطر الثاني كمان واحد مال ويصرفه في الشر ، وواحد ما عنده مسكين ، شو يقول ، يقول لو كان عندي لفعلت مثل قال : ( هما في الوزر سواء ) ، هذا أيضًا يشكل على بعض الناس ، كما يشكل عليهم الحديث الأول أنه أراد أن يقتل صاحبه ، لكنهم سبحان الله إنهم يغفلون مع فضلهم وعلمهم أن الإرادة في كل من الحديثين مفسر بالعمل ، أحدهما مفسر بقوله عليه السلام أنه إذا لقي المسلم وقاتل أخاه المسلم : ( إذا تلاقى المسلمان بسيفيهما ) إذًا هذا المقتول ، عملَ ، إذًا مش مجرد إرادة ، خرجت إرادته إلى حيز العمل ، لكن النتيجة كانت أنه صار قتيلا ، أنه أراد أن يقتل صاحبه ، أي فعلا ليس مجرد قصد ؛ لأنه لو صورنا الآن مسلما في عكر داره ضمر في نفسه أن يقتل خصمه وإذا ذاك كان أسبق إليه ، فجاء وغدر به وقتله هل ينطبق عليهما هذا الحديث ؟ أبدًا لا ، لماذا ؟ صحيح هو زور في نفسه ، وأمر في نفسه أن يقتل هذا القاتل ، لكن ما صدر منه عمل ، بينما ذاك صدر منه عمل ، فإذًا هذا القاتل في النار ، أما المقتول فليس في النار ، بخلاف ما إذا تبارزا بسيفيهما ، فهم ككل منهم أظهر ما قرره في نفسه وأراده من الشر لعدوه بعمله . فإذًا هنا لم تكن المؤاخذة لمجرد الإرادة القبلية وإنما لمجرد الإرادة التي خرجت إلى حيز العمل ، فلم يتعارض هذا الحديث مع قوله ما لم يتكلم أو يعمل به ، بل هذا يؤيده تمامًا ، كذلك الحديث الآخر أنه لو كان عندي من المال لفعلت مثله ، هو عم يقول ويجتهد ... أنه يفعل ويروح وبيأتي إلى آخره ، إذًا هذا أخذ عليه ليس بمجرد شيء كمين في نفسه ، وإنما بشيء ظهر على لسانه وعمله ، ولذلك يبقى الحديث ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت بها أنفُسَها ) وفي لفظٍ : ( أنفُسُها ) وكله صحيح ( ما لم تتكلم به ، أو تعمل به ) يبقى كما هو واضح ظاهر ليس هناك ما يمكن أن يخصص به إطلاقًا

الشيخ : ... وهذا هو شأن كل النصوص الشرعية التي يتحدث فيها الشارع الحكيم رب العالمين أو نبيه الكريم فيأتي بعبارة عامة ، ثم يدخل فيها قيد أو بعبارة مطلقة فيدخل فيها قيد ، أو بعبارة عامة فيدخل فيها تخصيص ، لا ينبغي حينذاك أن نزيد نحن على هذا الكلام الجامع المانع كما يقولون قيدًا آخر ، أو تخصيص آخر ؛ لذلك نحن لا نرجح قول من يقول في حديث ، .

ونحن على أبواب تطبيق ، هذا الحديث تقريبًا إن شاء الله : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه )، ما نستطيع أن نقول إلا فيما افترض عليكم وإلا إذا ضممتم إليه يومًا آخر ؛ لأنه هذا مثل هذا ( إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ) هل هذا على إطلاقه وشموله ؟ الجواب لا ، ما لم تتكلم أو تعمل به ، أغلق الباب ، ما عاد في قيد آخر أو تخصيص آخر ، ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم )، نهي عام لا تصوموا يوم السبت ، كان يدخل لو وقف الرسول إلى هنا حتى لو كان من رمضان ؛ لأنه قال : ( لا تصوموا يوم السبت ) لكن لا ، هو يريد أن يغير ذلك بأمته ، قال : ( إلا فيما افترض عليكم ) فما ينبغي لنا إذا راعينا فصاحة النبي عليه السلام ، وفوق فصاحته أنه ينقل الوحي المنزل عليه من رب العالمين ، أن نأتي نحن ونستدرك باجتهادنا ما إن كان إعمال الحديث بدون أي إشكال ، ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) يؤكد هذا الاستثناء : ( ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة ) قشرة الشجرة هذه خذها وكل منها لتثبت عمليًا أنك متجاوب مع نهي الرسول عليه السلام ، عن صيام يوم السبت ؛ أما أن نقول إلا إذا صمت يومًا قبله ويومًا بعده ، صار هنا بقي إلا وإلا ، إلا الأولى من نبينا ، وإلا الأخرى من علمائنا ، ما ينبغي أن يقال هذا إطلاقًا ، ثم نحن قلنا هذا ؛ لأننا نحن على الأبواب سيأتينا يوم عاشوراء يظن كثير من الناس وبخاصة العُبّاد منهم ، الذين اعتادوا التقرب إلى الله عز وجل بما شرع لهم من النوافل سواء ما كان منها صلاة أو صيامًا ؛ كيف يا أخي نخسر نترك صوم يوم يكفر السنة الماضية ؟ أو إذا كان يوم مثل يوم عرفة ، يكفر السنة الماضية والمستقبلة الآتية ، كيف ؟ يعني ما عندهم استعداد يخسروا مثل هذه الخسارة ، هذا في الحقيقة يأتي من قلة الوعي الموجود في المسلمين ، وهذا المسئول عنه علمائهم وفقهائهم ، لو كان عندنا الوعي والفهم لمجموعة من الأحاديث العامة ما كنا شعرنا بمثل هذا الشعور الخاطئ ، الذي يحملنا على أن لا نتجاوب مع حديث الرسول عليه السلام : ( إلا فيما افترض عليكم ) ما هو هذا الذي أشير إليه ، حديث صحيح : ( من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه ) فإذًا أنت أيها المتعبد الصالح كنت تصوم ولا تزال يوم عاشوراء رغبة لذلك الأجر العظيم ، يُكفر السنة الماضية وتصوم عرفة ، كما وقع في عرفة الماضي فأنت حينما تترك صيام هذا اليوم أو ذاك ، لا تتركه كسلا ورغبة عن الخير ، خلاف ما هي عادتك ، أنت تصوم دائمًا ما شاء الله ، لكن بلغك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقفت عنده فأنت مأجور ولو لم تصم ، بل أنا أقول أن هذا الذي لا يصوم ، هو منزلته عند الله في هذا الخصوص أما الأمور الأخرى فهو أعلم بها ، منزلتك عند الله أعلى وأسمى من ذاك الذي يصوم يومًا ، دخل فيه عامل شرعي يجعله غير شرعي وهو أنه طابق يوم السبت وقد نهى عليه السلام نهيًا عامًا بقوله : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) فلذلك على المسلم إذا ترك شيئًا لله ، أن لا يتوهم أنه خسر بل هو الرابح على كل حال ، هذا ما أردت أن أذكره في هذه المناسبة .

السائل : صيام تاسُوعاء لوحده ؟

الشيخ : لا بد .

السائل : صيام تاسوعاء .

الشيخ : فهمت ، فهمت أعطيتك الجواب بس كيف كلامك الأخير .

السائل : يقول بيأتي يوم الجمعة أو صيام يوم الجمعة كبداية منهي عنه بنفس الصدد .

الشيخ : شو عم ببربر سمعني يا أخي ؟

السائل : يعني عندنا هنا في جمعة وسبت ...

الشيخ : وعندك جمعة وخميس .

السائل : خليك معي يا أستاذ .

الشيخ : وأنت خليك معي  ليش ما تخليك معي ، عندك خميس وجمعة ، بس بدك تورد الإشكال أو ... تصوم الخميس وتصوم الجمعة ، فأنت في هذه الحالة خير من الذي صام يوم السبت كما ذكرنا آنفًا .

السائل : جزاك الله خيرا وبارك الله فيك .

الشيخ : أهلا وسهلا .

السائل : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم  على ميمونة ووجدها يوم الجمعة صائمة ؟

الشيخ : تقصد جويرية ؟

السائل : جويرية جزاك الله خير قال لها : ( هل صمت البارحة ؟  ) ، قالت : لا ، قال : ( هل تصومين غدًا ؟  ) قالت : لا ، قال : ( إذًا أفطري ) ألا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه غدًا السبت ؟

الشيخ : ما يعرف ، أنا بدي أجاوبك حسب سؤالك وإن كان السؤال خطير والجواب أخطر ، حتى تعرف ما بعدها .

السائل : إذًا فصل لنا جزاك الله خيرا.

الشيخ : طيب ، ماذا تقول في قوله تعالى : (( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان )) فأنا شو بقول الآن ؟

السائل : أقول ما قال ربي .

الشيخ : أنا ، أنا شو بقول ؟ بقول ما كان يدري ، لماذا ؟ لأنه ما نزل عليه الوحي شو فيها ، أنت بتعرف أنه الأحكام تنزل على التدرج أم تنزل طفرة واحدة ، يعني لما ربنا قال للرسول وهو في غار ثور ، مو هكذا اسمه تبع مكة شو قال له ؟ (( اقرأ )) .

السائل : غار حراء .

الشيخ : طيب ، قال له اقرأ ، هل تعتقد نزل الوحي كله بتلك اللحظة عليه .

السائل : لا .

الشيخ : أم تباشير النبوة ؟ طيب ، لما كان المسلمون يصلون وبعضهم سكارى ، هل كان الرسول يعرف أن الخمر حرام ؟

السائل : لا .

الشيخ : طيب ، أي أهم هذه أم هذه ؟

السائل : في الأهمية سواء .

الشيخ : لا ، ليسوا سواء .

السائل : كلها أحكام دين وبالأهمية في أهم ، لكن إيش أقول يا شيخ ، مادام قلت فيها متقدم ومتأخر فيها ؟

الشيخ : لابد يا أخي فيها متقدم وفيها متأخر ؛ لأنه مادام في حديث هو حديثك فيه إشعار بجواز صيام يوم السبت لمن صام يوم الجمعة ثم جاء الحديث ؛ لأن صيام يوم الجمعة وصيام يوم السبت ليس فرض بداهة يعني ، فلما أنت يأتيك هذا الحديث : ( لا تصوموا يوم السبت ) مش رايح تصوم يوم الجمعة لأجل تصوم السبت معه صح وإذا كنت ولابد لك تصوم يوم الجمعة  ، بيجي جوابنا لا حسن هذا تصوم يوم الخميس ، وبتصوم معه يوم الجمعة ، وإلا أنت مستريح ما هو فرض عليك أنك تصوم يوم الجمعة ، لكن إذا جاء يوم الجمعة ويوم السبت في رمضان دخل في الحديث : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) ومن هنا يقول العلماء ، وظني أن هذا القول ليس بغريب عليكم ، وأنتم حديثوا عهد به وهو : " إذا تعارض نصان أحدهما حاظر مانع والآخر مبيح "، أيّ النصين يقدم على الآخر ؟ الجواب " الحاظر المانع " وقضيتنا هكذا حتى لو ما عرفنا المتقدم والمتأخر ، لكن لو عرفنا المتأخر هو المبيح ، عرفنا أن المبيح هو المتأخر ، حينئذٍ يكون هذا ناسخ لما تقدم من النهي أو على الأقل يقال يخفف النهي من التحريم إلى الكراهة من أجل الجمع بين الحديثين ، أما هنا القضية بالعكس تمامًا ، ما في عندنا نص للمتقدم ، أو لمتأخر لكن عندنا مُبيح وعندنا حاظر مانع ، فأيهما المقدم ؟ الجواب الحاظر على المبيح ، هذا قواعد لولاها ما استطاع العلماء أن يمشوا في تقديم النواهي على المبيحات علمًا مع أنه على الغالب كل نهيٍ عن شيء ما يتضمن تحته أن هذا الشيء كان مباحًا من قبل نهى مثلا عن الاختصار في الصلاة ، الاختصار في الصلاة كان موجود ولذلك نهى عنه قبل النهي شو كان حكمه ؟ على الأصل الإباحة ، وهكذا إذا جاء نص يتضمن إباحة شيء ، ثم جاء نص يتضمن النهي عن هذا الشيء ، فالنص الذي تضمن الإباحة جاء على الأصل والبراءة الأصلية كما يقول الشوكاني ، " والنص الذي تضمن النهي عن هذا الشيء تضمن حكمًا جديدًا "، ومن هنا تعرف ويسهل عليك ، أن تهضم جوابي لسؤالك يلي صعب عليَّ أنه الرسول ما كان يدري ؟ أنا قلت لك بكل صراحة ما كان يدري لماذا ؟ لأن الله قال : (( ما كنت تدري )) وبصورة عامة (( ما الكتاب والإيمان ))، أما هذه المسألة الجزئية فهي أهون ، يعني رسول الله : " ما يعلم إلا ما علمه الله " ماشي ؟

السائل : ماشي .

 

 

السائل : أستاذ دخل رجل المسجد وكان المؤذن يؤذن ، يصلي تحية المسجد أم يقف ليردد ما يقوله المؤذن ؟

الشيخ : أظن سؤالك فيه نقص ، وهو سؤالك عام ، وأظنك تعني يوم الجمعة ؟

السائل : لا ، عام يا أستاذ .

الشيخ : إذا أسهل إذا كنت تعني عام ، بس أصحي تتورط الجواب لا ، بجيب المؤذن وبعدين يصلي تحية المسجد .

الشيخ : ماشي .

السائل : ماشي .

الشيخ : الحمد لله .

الشيخ : بس سؤالك ناقص .

السائل : شيخنا تعقيب على السؤال السابق قوله تبارك وتعالى (( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )) ، الإرادة هنا تعني أيضا العزم ... ؟

الشيخ : لا من يدخل هنا المقصود ، يعني من يدخل في مكة بظلم بعمل فيه ظلم ، ليس المقصود مجرد الإرادة .

 

 

السائل : تكلمنا عن الإرادة مرتين ، مرت آية في القرآن (( وإذا قضى أمرا فإنما يقول له فيكون )) مرتين في ... وفي آل عمران ، ربنا سبحانه وتعالى أراد وقضى، الإرادة سابقة لقضاء الله وأمر الله ، أم الأمر سابق للإرادة نعرف من سياق الآية ، أن الإرادة سابقة لقضاء لله وأمره ، ربنا سبحانه وتعالى قضى على إبليس أن لا يسجد لخلق لآدم ، كان إبليس شيخ المسبحين وكان في الجنة ، بإرادة الله طبعا ، بإرادة الله ، ربنا سبحانه وتعالى ، أراد لإبليس أن لا يسجد في علمه ، وعندما قضى له أن اسجد رفض السجود لم يطع أمر الله ، لو أطاع إبليس أمر الله لخالف إرادة الله ولو أطاع إرادة الله لخالف أمر الله ؟

الشيخ : الله أكبر  .

السائل : الآن هل ربنا سبحانه وتعالى ظالم جلّ وتعالى عن ذلك لإبليس أو كيف يعذبه وهو أراد له ذلك ؟

الشيخ : طيب ، أنت الآن حصرت الكلام على إبليس هل المسألة تختلف عن إبليس وأتباع إبليس أم مخصوصة بإبليس ؟

السائل : ... هي يعني خلينا نقول وجه الشر على إطلاقه .

الشيخ : أنت هو هذا السؤال أنت قيدته ، ولذلك قلت لك خاص بإبليس أم بأتباع إبليس ؟

السائل : إذا نحن خصصنا بنعرف العام ؟

الشيخ : بتعرف العام ، إذا من حيث الفكر غير المنطق، الفكر ما فيه فرق بين إبليس وأتباعه ، وأنت مؤمن بهذا معي ؟

السائل : نعم .

الشيخ : لا شايفك عم تكتب .

السائل : لأنه السؤال لي وأنا سألته ... .

الشيخ : معليش بس أنا لما بدي أحكي بدي بيقولوا عنا في الشام " العين مغرفة الكلام " ، فإذا أنا عم أحكي وأنت عم تكتب ، معناه أنك انصرفت عني .

السائل : بارك الله فيك .

الشيخ : ولست أعني أن لا تسجل ، لا خذ رخصة وسجل ، وبعدين أنا بحكي ، إذا بدك تسجل سجل ...كيف تفهم قوله تعالى (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه  )) .

السائل : في إرادة الله السابقة لــ ...

الشيخ : لا هذه الفلسفة تبعك أتركها الآن ، شو معنى قضى ربك ؟

السائل : أمر .

الشيخ : أمر أمرا شرعيا أم كونيا ؟

السائل : لعله شرعي أنا اللي بشوفه عبادة .

الشيخ : ولعله مو شرعي ؟

السائل : هو شرعي قطعا ... .

الشيخ : في عندنا أثر عن ابن عمر نسيت القصة ، بس قال له واحد من الجالسين قال له لعل الأمر كذا فقال له اجعل لعل عند ذاك  الكوكب ، وأنت كذلك ، إذا نعيد السؤال (( وقضى ربك )) ، هل هو معنى قضى أراد إرادة شرعية أم كونية ؟ قلت أنت لعل وأنا بظن أن هذه رمية ، ولذلك خايف منها ، أن تكون رميه من غير رام ، أما إذا كنت قاصدها فيسهل علينا المضي ، فيما نحن في صدده فاسمع يا أخي الله يهديك ، إلا إذا كنتم أنتم الاثنين عاملين اتفاق عليّ ، واحد من هذه الجهة واحد من الجهة الأخرى معليش ، أما أنا ما يحب أنه واحد من هنا وواحد من هنا ... .

السائل : ... .

الشيخ : يا أخي هذا مش وارد بدنا نسمع منه ، رايح يبين بالأخير ، ثم نحن يا أخي بدنا نكون صريحين في الموضوع ، إذا أنا سألته هذا السؤال ويحلق عيونه ، وما عمره سمع هذا السؤال يقول والله ما عندي علم ، لازم هو يقول ، مش أنت تخليه براحته ، ويتجاوب عنه هيك بتكون ساعدته ، شايف شلون (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )) قضى  ربك بمعنى إيش ؟ أمر ، طيب الأمر هنا كوني أم شرعي ؟

السائل : شرعي .

الشيخ : شرعي الأمر في قوله تعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ، شرعي أم كوني .

السائل : كوني .

الشيخ : كوني ، طيب فكفر إبليس وعدم سجوده لآدم عليه السلام هو بأمر الله  كوني أم شرعي ؟

السائل : شرعي .

الشيخ : هنا بقي وقف حمار الشيخ عند العقبة ،  كيف شرعي ؟ إذا بدنا نقول ما هو الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية ، وهذا في الحقيقة من دقائق علم التفسير ، التي يدندن حولها شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، إرادة الله في آياته ، تحمل معنين ، أحدهما معنى عام شامل لكل شيء ، والآخر معنى خاص ليس شاملا لكل شيء ، الأول العام يشمل الخير والشر ، يشمل الإيمان والكفر ، كل شيء ، الثاني خاص بما يحبه الله بما يرضاه بما شرعه لعباده ، فلما تسآلنا عن قوله تعالى (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )) ، كان الجواب قضى هنا بمعنى أراد إرادة شرعية ، أي حكم كذا وكذا أن يعبد الله وحده وبالوالدين إحسانا لكن كون الله حكم بشيء شيء ، وكون هذا الحكم سيقوم به الناس ، كل الناس أو بعض الناس شيء آخر ، وكواقع هذا القضاء هذا الحكم الآلهي في هذه الآية ،((  وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )) ، مشاهد لا يحتاج إلى شرح منهم من حقق هذا الحكم الشرعي ، ومنهم من لم يحقق فالناس إذا تجاه هذه الآية ، كهم تماما تجاه كل الآيات التشريعية قسمين ، فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، هؤلاء بالقسمين داخلين في قوله تعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ، بمعنى أن كفر الكافر ، لا يقع لهما إرادة الله بلا ومن إرادة الله ، فضلا عن إيمان المؤمن لا يقع رغم إرادة الله ، بل كل ذلك بإرادة الله فهذا معنى كون الإرادة في قوله (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فهذه الإرادة تشمل كل شيء إطلاقا ، وهي الإرادة الكونية ، وليست هي الإرادة الشرعية ، أما الإرادة الشرعية فهي خاصة بما شرعه الله ورضيه لعباده ، أي نعم ، الآية (( ولا يرضى لعباده الكفر )) ، شايف لا يرضى هو بمعنى لا يريد لكن لا يرضى أوضح وألصق بالإرادة الشرعية ، من كلمة الإرادة مطلقة ، لأنه وضح لنا أن الإرادة تنقسم إلى قسمين ، يدخل فيها الخير ويدخل فيها الشر ، إذا دخل فيها الشر بتكون إرادة كونية ، ما بتكون إرادة شرعية ، فإذا إذا رجعنا إلى إبليس والأبالسة كلهم هؤلاء عصوا الله عز وجل ، ما أطاعوه من حيث إرادته الشرعية ، لكن هم وقعوا وفعلوا ما فعلوه ضمن الإرادة الكونية ، أي ما عصوا الله رغم إرادة الله ، لأن الله عز وجل قادر أنه يرغم أكفر الكفار أنه يؤمن وما ذلك على الله بعزيز ، لكن سبقت مشيئته  الله وحكمته أن يقرر ما جاء في قوله تعالى (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) إذا ما فيه إشكال يا أخي بين الآية هذه والآية الأخرى التي فهمت منها التناقض ، إنما استحضر في نفسك أن الإرادة والقضاء الإلهي يشمل نوعين من حيث الإرادة الكونية ، لكن من حيث الإرادة ومن حيث القضاء الشرعي فهو يشمل نوعا واحدا ، لعله زال الإشكال إن شاء الله ؟

السائل : نعم ، جزاك الله خيرا .

الشيخ : أهلا ومرحبا .

 

السائل : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يلقي لها بالا تهوي به في النار سبعين خريفا ، وأيضا إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا ... ) إلى آخر الحديث ، فمحل الشاهد يا شيخ لا يلقي لها بالا فأين مجال النية ، أي دور النية ؟

الشيخ : مجال النية أن الرجل يتكلم الكلام ... ، صح ، شو الإشكال .

السائل : يعني ما نوى هذه الكلمة الطيبة ،  أو ما توقع أنها تصل إلى هذه الأمور .

الشيخ : لكن هو تكلم بكلام طيب يا أخي وذاك تكلم بكلام سيء قضية نوى ما نوى ، الآن ليس له علاقة ببحثنا السابق إطلاقا .

السائل : إذا ما هو تفسير لا يلقي لها بالا ؟

الشيخ : أي لا يهتم بها ، هذا معنى تفسيرها لكن ليس للحديث بهذا اللفظ أو بذاك أي علاقة بموضوعنا السابق ولا يخدش في التفصيل السابق الذي ربطناه بالحديث الذي لا يقبل الزيادة إطلاقا ما لم يتكلم أو يعمل به ، ثم أنا بلفت نظرك لشيء من الذي يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا ، والعكس بالعكس كما في الحديث أو الرواية الأخرى الذي الآن عندنا كلمتين ، إحداهما حسنة، أو طيبة والأخرى خبيثة قل لي الآن ، أيّ الرجلين الذي يخرج منه الكلام الطيب لا يلقي له بالا ، فيؤجره الله عز وجل ، وأيّ الرجلين يتكلم بالكلمة الخبيثة يهوي بها في النار سبعين خريفا آلرجل الذي من عادته أن يتكلم بالكلمة الطيبة أم بالذي يتكلم بالكلمة التي يهوي بها في النار سبعين خريفا ، ثم العكس ، أليس ترى أن الذي يتكلم بالكلمة الطيبة هو الذي من شأنه وديدنه أن يتكلم بالكلام الطيب ، ولكن هو ما بيخطر بباله ، أنه هذه الكلمة التي قالها لها هذا الأجر الضخم العظيم ، والعكس بالعكس تماما ، ذاك الذي كما يقال هجراه وديدنه ، دائما وأبدا أنه يتكلم بكلام ما يهمه ، هذا صواب أو خطأ أو موافق للشرع أو غير موافق ، فيلقي الكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا ، إذا ما ينبغي يا أخي أنه نحن نأخذ من الحديث كلمة دون أن نراعي الجو ، الذي ينبغي أن نلاحظه حينما تكلم الرسول عليه السلام بهذه الكلمة ، هل عنى مجرد أنه رجل طيب قال كلمة ، هوى بها في النار سبعين خريفا ، والعكس بالعكس ، رجل سيء ودائما كلامه سيء ، طلعت منه كلمة حسنه ولا يلقي لها بالا ، فهو له تلك المنزلة ؟ طبعا ليس هذا هو المقصود .

السائل : يعني أن الإنسان الطيب لكن يلقي كلمة سيئة فقد تهوي به يعني ... .

الشيخ : كيف الإنسان الطيب ؟

السائل : يعني هل هذا محظور أن إنسانا أصحاب أقوال طيبة ولكن يتكلم بالكلمة السيئة فيهوي بها في نار جهنم .

الشيخ : أنا فهمت عليك الآن ، هل أنت فهمت عليّ ما قلت آنفا ؟

السائل : نعم ، فهمت مرادك .

الشيخ : إيش جوابك .

السائل : كلامك صحيح .

الشيخ : طيب إذا شو معنى كلامك الآن ؟

السائل : لا أن تقول إن الرجل الطيب دائما من شأنه يتكلم بالكلام الطيب ... .

الشيخ : لا ، لا أنا لا أقول دائما ، أقول أن هذا من ديدنه والعكس بالعكس ، لكن أنت تظن الآن ، أن الرجل الذي يتكلم بالكلمة الطيبة يخطيء ، فيقول الكلمة السيئة فيهوي بها بالنار سبعين خريفا ؟

السائل : يعني هل هذا مستحيل ؟

الشيخ : غير مراد ، لا أقول مستحيل لكن ليس هذا هو مقصود الحديث ، مقصود الحديث كأن الحديث يقول : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ) ، مقصود الحديث أنه الإنسان ما يعوّد ما يكون مهذارا كثير الكلام ، لأن من كثر كلامه كما جاء في بعض الآثار ، كثر سقطه فمقصود الحديث أن الإنسان ما يتكلم مهذارا لأنه قد يصدر منه كلمة لا يتنبه لها ، يهوي بها في النار سبعين خريفا ، وإذا كان ولا بد من الكلام فليكن كلامه طيبا ، أما عكسنا الصورتين ، معاكستين تماما لقصد الشارع رجل صالح وديدنه يتكلم ، بالكلام الصالح ، لكن زل لسانه فقال كلمة يهوي بها بالنار سبعين خريفا ؟ هل تتصور إنسان عمل صالحا وعاش طيبا إلى آخره زل به اللسان ، وليس من عادته ، يهوي بها بالنار سبعين خريفا ، أنا ما أفهم  هذا الفهم إطلاقا ، أنا أفهم أن قصد الحديث هو توجيه المسلم ، أن لا يكثر من الكلام خشية أن تخرج منه الكلمة السيئة فيهوي بها في النار سبعين خريفا ، والعكس بالعكس أن الرجل المسلم قد يتكلم بكلام ، ما يتصور كما قلنا آنفا ، أن يكون له ذلك الأثر ، كما قال عليه السلام: ( تصدقوا ولو بشق تمرة ، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ) كلنا يذكر قصة ذلك الرجل ، أو تلك المرأة البغي ، التي كانت في الصحراء فعطشت ، لما وصلت إلى البئر نزلت وشربت وارتوت ، " ابنك هذا لا تدعه يشرب قائما " ، فلما خرجت من البئر وإذا بكلب يأكل الثرى من العطش ، فقالت أو قال لأنه روايتان بين رجل أو امرأة ما أصاب هذا الكلب إلا ما أصابني ، فنزلت إلى البئر ، وملئت نعلها أو خفها ، وأخذته بفيها وخرجت من البئر وقدمت هذا الماء القليل لهذا الكلب فشرب ، قال عليه  السلام ( فشكر الله لها فغفر الله لها )، وهي بغية زانية فاجرة ، مثل هذا العمل الصالح ، لا يخطر في بال إنسان أنه يكون مكفرا له لسيئاته ، كذلك الكلمة الحسنة والسئية كل منهما قد يكون له أثر سيء و حسن  ، لكن بحثنا عادة ، الكلمة الحسن ممن تخرج ، والكلمة السئية ممن تخرج ؟ لما ندرس الوضع الاجتماعي للناس ، يكون الجواب كما شرحنا آنفا ، هل نصلي العشاء صاحب الدار يا عزمي تعزم على الصلاة ؟

عزمي : يقول الإخوة بدهم يكلموا أسئلتهم .

 

الشيخ : طيب إيش عندك ؟

السائل : الرجل الذي أوصى أبناءه إذا مات أن يذروه في الريح يحرقوه ويذروه حتى لا يستطيع الله أن يجمعه ... فكيف و (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن شاء )) ؟

الشيخ : أي نعم ، نحن ذكرنا هذا أكثر  من مرة ، أن الآية التي ذكرتها في ختام سؤالك ، هي القاعدة وهي الأصل (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))، كما أن الآية (( لا يخفف عنهم العذاب )) المشركون لا يخفف عنهم العذاب ، لكن هناك قاعدة في علم الأصول ، أن كثيرا من العمومات يدخلها التخصيص ، وإن كان الأصل البقاء مع النص العام ، حتى يأتي المخصص ، فإذا جاء المخصص لا يتردد الإنسان في قبوله سلفا لا يتردد ، ولو أنه لم يظهر له وجه التوفيق بين العام والخاص يكفي  أن ذاك نص عام وهذا نص خاص ، أما إيش الحكمة وإيش فلسفة الموضوع وتوجيهه ، هذا بحث ثاني ، قد يستطيعه بعض الناس وقد لا يستطيعه ، لكن المشي مع القواعد ، يريح عقل الإنسان ونفسه ، فهذا عام وهذا خاص ، (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) ، (( لا يخفف عنهم العذاب )) ممكن يدخل تخصيص ؟ من الناحية العقلية ممكن لكن من الناحية الشرعية ، ننظر في الشرع إذا جاءنا ما يدل على التخصيص قبلناه وإلا نحن مع النص العام ، ونرفض كل رأي يخالف النص العام ، ونرفض كل رأي يخالف النص العام إلا إذا كان مقرونا في الدليل .

السائل : أبو طالب ... .

الشيخ : أنا ليش جبت آية (( لا يخفف عنهم العذاب )) ، بدنا نشوف موقفنا نحن أهل الحديث بالنسبة للحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن عمك أبو طالب ، كان يدافع عنك ، وكان وكان إلى آخره هل نفعه ذلك شيء ؟ قال ( لقد خفف عنه العذاب ) ، ( وهو أخف أهل النار عذابا  ، وإنه ليلغي دماغه ، من شدة العذاب في نعليه ) ، المهم خفف عنه العذاب ، وربنا يقول (( ما يخفف عنهم العذاب ))، إذا هذا نص عام ، وهذا نص خاص ، ما فيه مانع نقبله ما دام صح ، ولهذه القاعدة والجهل بها يضل كثير من الناس قديما وحديثا ، الخوارج مثلا الذين ضلوا في كثير من الأمور ، الاعتقادية والفروع الشرعية ، لماذا ؟ لأنهم استندوا إلى نصوص عامة ، ورفضوا النصوص الخاصة ، ... بين النص العام والنص الخاص ، فالآن ما نحن في صدده .