About the article
Author :
Muhammad Naasiruddeen al-AlbaaneeDate :
Sat, Sep 20 2014Category :
Okuddamu Ebibuuzo (Q&A)سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 365
الشيخ : من أجل ذلك اختلف العلماء قديما وحديثا على مرجع الضّمير في الرّواية الصحيحة ( إنّ الله خلق آدم على صورته ) وهذا الخلاف في اعتقادي يجب أن يفرغ منه بعد أن وقفنا على رواية الإمام البخاري في صحيحه بلفظ ( خلق الله آدم على صورته طوله ستّون ذراعا ) فتكون رواية البخاري الصّحيحة مفسّرة مبيّنة للرّواية الصّحيحة الأخرى وهي قوله عليه الصّلاة والسّلام ( خلق الله آدم على صورته ) فمرجع الضمير في صورته اتضح في رواية الإمام البخاري بلفظ ( خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا ) لأنّ هذا الوصف بهذا الطّول لا يصحّ بوجه من الوجوه أن يرجع إلاّ إلى آدم عليه الصّلاة والسّلام وبذلك ننتهي من مشكلة التّساؤل والخوض في حديث ( خلق الله آدم على صورة الرحمن ) سواء من حيث الرّواية الّتي دلّت على ضعف إسنادها أو من حيث الدّراية التي دلّت على شذوذها ومخالفتها للرّواية المتّفق عليها إسنادا ومخالفتها لرواية البخاري الصّحيحة المخالفة لها متنا هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال , غيره .
الشيخ : تفضل .
السائل : بالنّسبة ذكرتم من العلل ...
الشيخ : ارفع صوتك .
السائل : ذكرتم من العلل التي تقدح في الحديث أنّ الأعمش مدلّس .
الشيخ : نعم .
السائل : طيّب يا شيخ روايات الأعمش كيف تحمل في غير الصحيحين ؟
الشيخ : هذه الّذي أذكره الآن العلّة من رجل هو مدلّس وهو حبيب ابن أبي ثابت ما أستحضر الآن إن كان في هذا الإسناد أيضا عنعنة الأعمش فهل أنت متحقق من ذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل وهل هي الرواية عن الأعمش عن حبيب ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وكلاهما مدلس , وجوابنا بالنّسبة لسؤالك هذا الثّاني أنّ رواية الأعمش بالعنعنة إذا جاءت في الصّحيحين فهي مقبولة بناء على اجتهاد صاحبي الصحيحين وثقة بعلمها وتتبّعا منهما لرواية الحديث أمّا إذا جاءت رواية الأعمش خارج الصّحيحين فحينذاك روايته تكون تحت البحث والفحص والقبول والردّ وذلك يعود إلى دراسة هذا الحديث الذي عنعنه الأعمش على ضوء ما يحيط بهذه العنعنة من مؤيّدات لدفع هذه العنعنة أو لقبولها حينئذ ليس هناك قاعدة مطّردة كما هو الأصل في حديث المدلّس والّذي ثبت عنه أنه مكثر للتّدليس فبالنّسبة للأعمش هذا ليس عندنا قاعدة ضابطة يقال بأنّ عنعنته مقبولة دائما أو مرفوضة دائما والمثال الآن بين أيدينا هذا الحديث كما سمعتم آنفا خالف حديثين آخرين أحدهما متّفق على صحّته والآخر ممّا تفرّد به الإمام البخاري فهنا يضطرّ الباحث إلى أن يقف عند عنعنة الأعمش أو حبيب ابن أبي ثابت ويقول لعلّ العلّة في إحدى العنعنتين لأنّ الحديث المحفوظ لم يأت فيه التّصريح بالمضمر وهو الرّحمن في كلّ من الرّوايتين المذكورتين آنفا وحينذاك نعود إلى إعلال الرّواية الّتي لا نجد علّة ظاهرة فيها إلاّ العنعنة هذا مثال صالح متى يمكن الجزم بأنّ عنعنة الأعمش تكون غير مقبولة وبخاصّة إذا كان الحديث مما تنكّبه الشيخان اللذان يسلّكان عادة عنعنة الأعمش فيمكن أن يقال والحالة هذه لأمر ما أعرض أصحاب الصّحيحين عن رواية الأعمش هذه عن حبيب لأنّ فيها العنعنة وفيها المخالفة في المتن هذا جوابي عن سؤالك الثاني .
سائل آخر : شيخ سؤال
الشيخ : تفضل .
سائل آخر : ذكرت أن عنعنة الأعمش في الصحيحين تحمل على السماع وذلك لثقة الشيخين ... فما أدري بالنسبة لعنعنة أبو الزبير المكّي في صحيح مسلم في حالة عنعنته عن جابر ما هو الفرق بينها وبين عنعنة الأعمش ؟
الشيخ : الفرق واضح حينما جاء التفصيل عن الإمام اللّيث بن سعد المصري رحمه الله بأنه طلب من أبي الزبير أن يعلّم له عن الروايات التي سمعها من جابر مباشرة وبهذا تميّزت عنده الرّوايات التي لم يسمعها من جابر الفرق هنا أنّ روايات جابر انقسمت بسؤال الليث الدقيق له انقسمت إلى قسمين قسم سمعه من جابر وقسم لم يسمعه من جابر فما كان من القسم الأول سواء جاء مصرّحا بالتّحديث من غير طريق اللّيث أو جاء معنعنا من طريق الليث فكلاهما محمول على الاتصال أما إذا جاء من رواية غير الليث عن أبي الزبير معنعنا فيبقى هذا من القسم الثاني الّذي لم يصرّح أبو الزبير للإمام الليث بأنه سمعها فكأنه يكون نصا صريحا وبعبارة عامّة أن كل حديث رواه أبو الزبير بالعنعنة ليس من القسم الأوّل الّذي علّم لليث بأنه سممعه من جابر .
سائل آخر : طيب يا شيخ بالنّسبة لحديث الليث عن الأعمش عن أبي الزبير حمل على الاتصال طيب أحيانا يرتفع التدليس عن طريق روايات أخرى يصرّح بها بالسماع حتّى وإن كانت من غير طريق الليث ألا يمكن أن يكون يرد هذا ويكون الإمام مسلم قد اطّلع على هذه وإلا ّكيف ؟
الشيخ : ما وضح لي مرادك ؟
السائل : يعني بارك الله فيك الآن الليث حدّث عن أبي الزبير ما كان مسموعا لأبي الزبير
الشيخ : تمام
السائل : طيب كما هو معلوم أن التدليس أحيانا قد يرتفع لورود رواية أخرى لأبي الزبير أو لغيره من المدلسين حدّث بها .
الشيخ : نعم .
السائل : ألا يكون الإمام مسلم رحمه الله قد اطلع على هذه الروايات فحمل روايته كما أوردها في مسلم على الاتصال ؟
الشيخ : هذا محتمل ولكنّه ليس على سبيل الجزم وحينئذ هذا الإحتمال إمّا أن يتأكد وإمّا أن يطيح ويزول ولكنّنا حينما نبحث في بطون الكتب سواء ما كان منها مطبوعا أو مخطوطا ولا نجد في كثير من الرّوايات المعنعنة من روايات الزبير في صحيح مسلم لا نجدها مصرّح بالتّحديث فيها في الكتب الأخرى فلا يمكننا أن نغلّب الظّن بأنّ الإمام مسلم قد وقف على التّصريح بالتّحديث في رواية أخرى هذا يقال بعد البحث والفحص ونحن لا ننكر بل لعلّه يصحّ لي أن أقول بأنّني بفضل الله عزّ وجلّ ورحمته أجد كثيرا من الأحاديث الّتي رواها مسلم بالعنعنة من طريق أبي الزبير عن جابر أجد لها تصريحا بالتحديث خارج مسلم فنستفيدها فائدة وننقذ بها عنعنة الزبير عن أن تكون علّة في الحديث لأنّ أبا الزبير صرح بالتحديث في رواية أخرى وقد عنيت أخيرا في الطبعة الجديدة الّتي هي الآن تحت الطّبع إن شاء الله لكتابي مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري فقد أفردت جهدا خاصّا لتتبّع رويات أبي الزبير عن جابر التي جاءت معنعنة في صحيح مسلم فوجدت لها بعض الشواهد فعلّقتها على هذا المختصر في الطّبعة الجديدة فحينما تكون روايات أبي الزبير عن جابر تحت هذا البحث ثمّ لا نجد من التصريح ما ننقذ به إعلال الحديث بالعنعنة لا يسعنا إلاّ أن نلحق هذه الروايات المعنعنة في صحيح مسلم في القسم الآخر الّذي يقابل القسم الأوّل الّذي علّم أبو الزبير للّيث بأنه سمعها من جابر رضي الله عنه هذا جوابي أيضا عمّا سبق غيره .
سائل آخر : بالنسبة يا شيخ الصحيحين قد انتقد عليهما قبل هذا الزمان ...
الشيخ : صح .
سائل آخر : ولكن هل انتقد عليهما أو على أحدهما من ناحية تدليس أبي الزبير عن جابر ؟
الشيخ : وكيف لا ألم تر قول الإمام الذهبي في ترجمة أبي الزبير هذا يقول له أحاديث في صحيح مسلم من روايته عن جابر بالعنعنة وفي القلب منها شيء هذا أوّلا وثانيا لقد تتبّع ابن القطّان الفارسي الإمام عبد الحقّ الإشبيلي في كتابه الأحكام الكبرى حيث أنّ عبد الحقّ هذا في الواقع أحيانا كان له جهد مشكور في التّنبيه على عنعنة أبي الزبير في بعض الروايات التي جاءت في مثل سنن الترمذي وغيرها فجاء الإمام النّاقد بعلم وهو ابن القطّان المذكور آنفا فتتبّع الأحاديث المعنعنة في كتاب الأحكام الكبرى سواء ما كان منها من رواية الإمام مسلم أو من رواية غيره كالترمذي مثلا واستقصى الكلام حولها مؤاخذا ابن القطان هذا مؤاخذا للإمام عبد الحقّ الأشبيلي كيف نبّه في بعض الروايات على عنعنة أبي الزبير وأعلّ الحديث بها بينما لم يفعل ذلك في رواية أخرى وبخاصة ما كان من هذه الرّوايات المعنعنة في صحيح مسلم ويقول لعلّه أخذ بكون الحديث في صحيح مسلم يقول الإمام ابن القطان هذا رحمه الله وفي ذلك يعني لعلّه قال تدليس أو تغرير بالقراء الّذين يجدون أن عبد الحقّ سكت عن بعض الأحاديث التي عنعن فيها أبو الزبير فيتوهّم هؤلاء القرّاء بأن هذه الأحاديث هي من القسم الّذي صرّح أبو الزبير فيها بالتحديث والأمر ليس كذلك فإذا لست بالّذي يتفرد بإعلال حديث أبي الزبير عن جابر بل لنا في ذلك سلف هم خير سلف لنا في نقد هذه الأحاديث بالعنعنة ، هل عندك شيء ؟
سائل آخر : جزاك الله خيرا يا شيخ .
الشيخ : وإياك . غيره .
السائل : شيخ حديث
الشيخ : نعم
السائل : ( يوشك أن تضرب أكباد الإبل فلا يوجد عالم سوى عالم المدينة )
الشيخ : إم
السائل : لعلّكم ضعفتموه في المشكاة ؟
الشيخ : يقينا .
السائل : نعم وفي ما أدري على حدّ علمي أنّكم حسّنتموه في موضع آخر ؟
الشيخ : ما إخال ذلك .
السائل : أيوه إذا درجة الحديث ؟
الشيخ : ضعيف بارك الله فيك .
السائل : ضعيف ؟
الشيخ : أي نعم .
سائل آخر : ذكرتم أنّكم وجدتم له شاهدا في ... ؟
الشيخ : لكن لا يقوى هذا الشاهد لإزالة هذا الضعف ، نعم .
السائل : ويعني الحديث غير عنعنة أبي الزبير ما يحضركم من علله ؟
الشيخ : أظّن أيضا فيه عنعنة أخرى هي ابن جريج
السائل : ابن جريج نعم .
الشيخ : أي نعم . نعم غيره .
السائل : في سؤال يا شيخ بالنّسبة الذهبي رحمه الله ذكر في ترجمة مالك أبي الخير في ميزان الاعتدال
الشيخ : ذكر ؟
السائل : في ترجمة مالك أبي الخير .
الشيخ : مالك أبي الخير .
السائل : أي
الشيخ : نعم
السائل : في ميزان الاعتدال
الشيخ : أيوه
السائل : قال إن الراوي إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يؤتى بما ينكر عليه فحديث حديث صحيح .
الشيخ : نعم .
السائل : ففي هذا يعني تعديل لهذا الراوي في حين أنّ هذا الراوي لم تعرف عدالته إنّما عرفت عن طريق من روى عنه فلو تبيّن لنا هذه المسألة وهل هي خاصّة بالتّابعين فقط أم من بعدهم ؟
الشيخ : لا ومن بعدهم أيضا لأنّ طريق الحصول على العدالة إمّا أن تكون بطريق المخالطة ومباشرة الاتّصال بالرّاوي وإمّا أن يكون من طرق أخرى ونحن نعلم يقينا أنّ الأئمّة السّابقين حينما يوثّقون الرّاوي وهو غير معاصر لهم ولا هم معاصرون له إنمّا وصلوا إلى تعديلهم وإلى الاعتماد على حفظهم وعلى ضبطهم من طريق الاستقصاء والتتبّع لرواياتهم من جهة وتتبّع الرّواة الثّقات عنهم من جهة أخرى لأنّه من المستحيل أن يتمكن المتأخر الاتّصال بالمتقدّم وبينهما ما شاء الله من السّنين التي تحول بطبيعة الواقع بين الباحث والإتّصال بالّذي يراد تعديله أو تجريحه فإذا ما هي الطريقة التي مثلا يقول الإمام أحمد ويحيى بن معين وأمثالهما من الأئمة المعدّلين والجارحين للحكم على تابعيّ بأنّه عدل أو أنّه ليس بعدل ثقة ضابط أو ليس كذلك لاشكّ أنّ الطّريق في ذلك هو أحد سبيلين إمّا أن يكون هؤلاء أخذوا بالرّواية كما يروون الحديث عن من كان معاصرا لذلك التّابعي فاتّبعوه لأنّه عارف بحاله وهذا نادر جدّا فيما نعلم وإمّا أن يكون بالطّريقة الأخرى الّتي ذكرتها آنفا وهي مدار الحديث آنيّا وهي أن يسبروا أحاديث هذا الراوي الّذي لم يعاصروه ثمّ يحكمون عليه بما تدلّ عليه تتبّعهم لأحاديث هذا الرّاوي في اعتقادي إذا عرف هذا أنّ الإمام الذهبيّ وتبعه في ذلك أيضا ابن حجر العسقلاني أنّهما اقتديا بمن تقدّمهما من أئمّة الجرح و التّعديل حينما كانوا يوثّقون أو يجرّحون من لم يتّصلوا به مباشرة ذلك من دراستهم لأحاديث هذا الرّاوي والرّواة عنه فهم إذا اقتبسوا هذه الطريق من أسلوب الأئمة المتقدمين في التجريح وفي التعديل .
الشيخ : وعلى ذلك جريت منذ سنين وعدّلت القاعدة التي كان الله عزّ وجلّ وفّقني لنشرها في العصر الحاضر بين طلاّب العلم ألا وهي أنّ توثيق ابن حبّان لا يعتدّ به لأنّه يوثّق المجهولين عند غيره وفي الأغلب يكون القول الراجح معهم وليس معه بعد الصبر والدّأب على طلب العلم وتتبّع أقوال العلماء في الجرح والتعديل ورواية الرّواة عن من وثّقهم ابن حبّان أدخلت تعديلا رأيت من الواجب عليّ أن أنشره أيضا بين الطّلاب ولو بعد ... لأنّه من العلم الّذي وصلنا إليه أخيرا ألا وهو أنّ ابن حبّان رحمه الله إذا وثّق رجلا تفرّد بالتّوثيق هو دون غيره من أئمّة الجرح والتعديل نقول كما قلنا سابقا إنّه لا يوثق بتوثيقه إلاّ هنا الإستثناء إلاّ إذا كان هذا الرّاوي الّذي وثّقه ابن حبان وحده وجد له من الرّواة الثقات المعروفين كثرة يغلب على قلب الباحث أنّ هذه الكثرة من الرّواة حينما رووا هذا عن هذا الراوي الّذي تفرّد بتوثيقه ابن حبّان رحمه الله كان ابن حبّان مصيبا في التّوثيق لكثرة الرواة عنه أمّا إذا تفرّد بتوثيق راو ليس له عنه إلاّ راو واحد فحينئذ نطبّق القاعدة العامّة أنّنا نحشره في زمرة المجهولين الّذين وثّقهم ابن حبان لقد رأيت عمليّا من الذهبي وابن حجر العسقلاني بعد أن وصلت إلى هذا الاستثناء لقد وجدتهما يتفرّدان بتوثيق بعض الرّواة ولو لم يجدوا من نصّ على التوثيق ولو كان مثل ابن حبان في التساهل لقد صرّحوا بتوثيق بعض الرواة وإن لم يوثّقه ابن حبّان أو من كان مثله في التّساهل كالعجلي أو كالحاكم لا يوجد في تراجم هؤلاء من وثّقه مع ذلك لاحظوا القاعدة التي نقلتها أنت آنفا عن الذهبي فلما وجدوا من العدول كثرة رووا عن ذاك الراوي الّذي الأصل فيه أن يقال إنّه مجهول لم يوثقه أحد مع ذلك فقد وجدتهم يقولون أعني الذهبي والعسقلاني تارة يقولون في مثل هذا الراوي إنّه ثقة وإذا ألانوا القول فيه قالوا صدوق مع أنّه لم يقل أحد ممن قبلهم من أئمة الجرح والتعديل قولتهم هذه أو تلك فإذا هم سبروا طريقة الأئمّة المتقدّمين كيف كانوا يحكمون بثقة أو عدم ثقة الراوي وهم لم يعاصروه ولم يخالطوه من دراستهم لأحاديث هذا الرّاوي وللرّواة عنه فإذا العدالة نستطيع أن نصل إليها بمعرفة عدالة الرّواة عن ذاك الرّاوي الّذي الأصل فيه أنّه مجهول لدينا فإذا كثر الرواة العدول في الرواية عن من لم نعرف عنه توثيقا أو تجريحا اعتبرنا رواية هؤلاء الثّقات عنه تعديلا لهم على هذا رأينا ما قال الذّهبي صوابا لأنّه سلك في ذلك سبيل أئمة الجرح والتعديل , في عندك شيء هنا ؟ تفضل .
الحلبي : شيخنا كتاب رواة الحديث الّذين سكت عليهم أئمّة الجرح و التعديل الأخ ... في الرد على أبي غدة في فصل من الفصول قضية الإمام ابن حبان وكتابه الثّقات هو رسالته في الماجستير عن ابن حبان .
الشيخ : أيوه .
الحلبي : فيقول مراتب الرواة المترجمين في كتاب الثّقات يقول قال الشيخ المحدث عبد الرحمن المعلمي اليماني وهو يتحدث عن مراتب المترجمين في كتاب الثّقات يقول والتحقيق أن توثيقه على درجات الأولى أن يصرّح بالتّوثيق كأن يقول كان متقنا أو مستقيم الحديث أو نحو ذلك , الثّانية أن يكون الرجل من شيوخه الّذين جالسهم وخبرهم , الثّالثة أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة ,الرّابعة أن يظهر من سياق كلامه أنّه قد عرف ذاك الرجل معرفة جيدة , الخامسة ما دون ذلك فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة بل لعلّها أثبت من توثيق كثير منهم والثاّنية قريب منها والثّالثة مقبولة والرّابعة صالحة والخامسة لا يؤمن فيها الخلل والله أعلم , وقال الشيخ ناصر الدّين الألباني تعقيبا على كلام الشيخ المعلّمي هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف المعلّمي رحمه الله تعالى وتمكّنه من علم الجرح والتعديل وهو مما لم أره لغيره فجزاه الله خيرا غير أنّه قد ثبت لديّ بالممارسة أنّ من كان منهم من الدّرجة الخامسة فهو على الغالب مجهول لا يعرف ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين فإنّهم نادرا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة بل والتي قبلها أحيانا بعد هذا الكلام كله يقول ...
الشيخ : أيوه .
الحلبي : قلت إنّ هذا الكلام على إطلاقه من الشيخين فيه نظر فالرواة المترجمون في كتاب الثّقات قسمان قسم انفرد ابن حبان بالتّرجمة له أو كان اعتماده من ترجمه بعده عليه وهؤلاء يزيد عددهم على ألفي ترجمة من الكتاب والقسم الثّاني الرواة الّذين اشترك مع غيره في التّرجمة لهم وهؤلاء صنفان أولا الرواة الّذين أطلق عليهم ألفاظ الجرح والتعديل وهؤلاء يقرب عددهم من ثلاثة آلاف راوي وقد تعددت ألفاظ النقد وتباينت دلالاتها كما قدمت بعض ذلك فبينما تجده يصف الرجل بالحفظ والإتقان أو الوثاقة أو الصدق أو استقامة الحديث إذا بك تجده يصف الرجل بأنّه قد يخطئ أو يخطئ أحيانا أو يخطئ كثيرا أو يخطئ ويخالف أو يخطئ ويغرب ويدلس ويخالف والرواة الّذين يصرّح فيهم بالتوثيق ليسوا على درجة واحدة في نفس الأمر في كل مصطلحات التوثيق فقد وجدت وصف خمسة وخمسين رجلا بالإتقان بيد أنني لم أجد لغيره كلاما في ثمانية منهم والّذين وجدت لهم تراجم كانوا جميعا من الحفّاظ أو الثّقات أما لفظ مستقيم الحديث وما دار في فلكه فقد أطلقه ابن حبان على ستة وخمسين راويا ومئتين راو وقد جاءت ألفاظه الدّالة على الإستقامة متعددة فتارة يصف الراوي بأنّه مستقيم الحديث جدا وتارة يصفه بأنّه مستقيم الأمر في الحديث وتارة يقيّد الإستقامة بشروط فيقول مثلا مستقيم الحديث إذا روى عن الثّقات أو إذا روى عنه الثّقات وتارة يقول روى أحاديث مستقيمة وأنّه مستقيم الحديث يغرب ومستقيم الحديث ربما أخطأ كما أطلق عبارة أوضحت لنا مقصوده من الإستقامة ولكنّه أكثر ما أطلق في هذا المصطلح بلفظ مستقيم الحديث مجردا وله ألفاظ أخرى مشابهة ولكنّها قليلة وقد وجدت فيمن وصفه ابن حبان بأنّه مستقيم الحديث الحافظ والثّقة والصدوق ووجدت فيهم المجروح والمضعف والمجهول حسب اصطلاح المتأخرين وقد كانت ألفاظ النقد التي أطلقها ابن حبان في كتاب الثّقات والمجروحين تسعة عشر لفظا ومائتي لفظ درستها جميعا دراسة نقدية في الرسالة سالفة الذكر وأعددت لها ملاحق خاصة بألفاظها ولذلك فإنني أرى هذه الإطلاقات من فضيلة الشيخ اليماني رحمه الله عامة وعائمة وما ذكره فضيلة الشيخ الألباني من أن كلام الشيخ المعلّمي تفصيل دقيق غير دقيق ولا مفيد في التحقيق العلّمي شيئا , ثانيا الصنف الثّاني الرواة الّذين سكت عليهم ابن حبان ويزيد عددهم على عشرة آلاف راوي فهؤلاء على طبقات متباينة ولا يمكن إعطاء حكم دقيق ولا تقريبي عنهم ففيهم الثّقة الحافظ وفيهم الصدوق وفيهم المستور وفيهم المجهول ومجهول الحال وفيهم الضعيف ومنكر الحديث إلى آخره , نعم قد تفيدنا ترجمة ابن حبان للرجل في تعيين شخصه فقد ينفرد ابن حبان بمعلومات عن رجل تذهب عنه جهالة العين وبل جهالة الحال أحيانا بيد أنّ سكوته عن الرجل لا يعني أنه ثقة عنده ولا يرد على قولي هذا أنّ ابن حبان قد ذكر في مقدمة كتابه أن كل من أودعه كتاب الثّقات فهو صدوق يحتجّ به إذا توفّرت فيه الشروط الخمسة التي ذكرها لأن هذا الكلام نظري وقد نقضه ونصّ على نقضه في مواضع وقد وجدناه نصّ في مواضيع كثيرة من الثّقات على أن فلانا لم يذكره للإحتجاج وإنما ذكره للمعرفة ونصّ في كتابه المجروحين على أن كل شيخ لم يروي عنه غير راو ضعيف أو ضعفاء أو لم يحدث هو إلاّ عن ضعيف أو ضعفاء أو لم يحدث هو إلاّ عن ضعيف أو ضعفاء أنه مجهول عنده ومع ذلك وجدناه حشر في الثّقات مئاة التراجم التي لا يعرف أصحابها إلاّ من طريق راو مجهول أو ضعيف أو لم يرووا إلاّ عن مجهول أو ضعيف أو مبهم والفصل في الرواة الّذين سكت عنهم ابن حبان هو عرضهم على كتب النقد الأخرى فإن وجدنا فيها كلاما أخذنا بما نراه صوابا مما قاله أصحاب كتب النّقد وإن لم نجد فيها كلاما شافيا طبقنا قواعد النقّاد عليهم وقواعد ابن حبان نفسه وأغلب الرواة الّذين يسكت عليهم ابن حبان ويكون الواحد منهم قد روى عنه ثقة وروى عن ثقة يكونون مستورين يقبلون في المتابعات والشواهد ولذلك فإنني قلت في رسالتي عن ابن حبان في الرواة الّذين ترجمهم ساكتا عليهم بأنّهم على ثلاث درجات واحد من أهل الثّقة وأهل الصدق ثانيا رواة مرتبة الإعتبار ثالثا الرواة الّذين لا تنطبق عليهم شروط ابن حبان النّقدية في المقبول وهؤلاء ذكرهم المعرفة والله أعلم , نريد شيخنا تعقيب على هذا مجمل ؟
الشيخ : هذا لا يمكن التعقيب عليه لأن هذا يحتاج
الحلبي : بشكل عام يعني .
الشيخ : إلى تأليف رسالة ولكن أنا أتساءل أنّه ما مناسبة تلاوة أو قراءة هذا التعليق من المؤلّف هذا بالنّسبة لموضوعنا السّابق ؟
الحلبي : نعم .
الشيخ : لأن موضوعنا السّابق كان محصورا جدا كما أعتقد أنّه ثنائي على الشيخ المعلّمي رحمه الله أيضا هو في دائرة محدودة النّطاق .
الحلبي : نعم .
الشيخ : كان كلامنا بالنّسبة لما تفرد به ابن حبان من التوثيق وليس هناك ما يؤيده أو يعارضه فهو نقل الكلام الآن إلى خلاف ما كنا في صدده فنحن نعلم بأن ابن حبان في كثير من الأحيان يورد الراوي في الثّقات ثم يورده أيضا في كتابه الضعفاء هذا أمر معروف وبخاصة في الآونة الأخيرة حيث توجّهت منذ بضع سنين إلى وضع فهرس خاصّ لذاتي ولشخصي ولأستعين به على بحثي وتحقيقي حول الأحاديث , بدأت في وضع فهرس للثّقات لابن حبان لأن من كان على علم ودراسة لأسلوب ابن حبان في كتاب الثّقات ليتعب كثيرا للحصول على ترجمة الراوي المطلوب البحث عنه ترى هل أورده ابن حبان في ثقاته أم لا ؟ فبدا لي يومئذ أن أضع فهرسا يسهّل وييسّر لي الوصول إلى الرّجل الّذي يراد ترجمته بأقرب وبأيسر طريق , ثم شاء الله عزّ وجلّ لي الزيادة في الخير أن فتح أمامي طريق من البحث والتحقيق حول كثير من هؤلاء الرّواة فمن ابتداء كان المشروع هو فهرس لتيسير الحصول على التّراجم فإذا به يتحوّل مع الزمن إلى تحقيق حول كثير من الرواة الّذين ذكرهم ابن حبّان في كتابه الثّقات من ذلك ما ذكرته آنفا أنه يورد الرّاوي الواحد في الكتابين المتناقضين منهجا يورده في الثّقات ويورده في الضّعفاء كذلك تبينت لي الصورة التي تكلّمت عنها آنفا أنه يورد الراوي في كتابه ويقول روى عنه فلان لا يسمي إلا راويا واحدا لكنني مع التتبع وجدت هذا الّذي ترجمه ابن حبان في كتابه الثّقات برواية ثقة واحد وجدنا له رواة آخرين في مثل الجرح والتعديل ومثل تهذيب ابن حجر ونحو ذلك فحينئذ وجدت نفسي لابد من التعليق على أمثال هؤلاء الرواة أنه قد روى عنه فلان وفلان وفلان زيادة على الراوي الّذي ذكره ابن حبان في ثقاته الّذي أريد أن أقول تعليقا مجملا على هذا الكلام نحن نعرف أنّ هناك مؤاخذات كثيرة على ابن حبّان في كتابه الثّقات لكن البحث كان فيما تفرّد ابن حبان في توثيقه دون أن يخالف في ذلك من هو أعلم منه بالجرح وبالتّعديل لا يوجد لدينا إلاّ أنّ ابن حباّن وثّقه فما قيمة هذا التوثيق ؟ كان بحثنا الأصل أن يقال أن ما تفرّد به ابن حبّان بالتوثيق فهو مجهول , ولكن قد وجدنا ما ذكرته أخيرا بأنّ هناك كثيرا من الرواة قد روى عنه جمع من الثّقات من أجل ذلك قال الذّهبي وقال العسقلاني في أمثال هؤلاء مؤيّدين توثيق ابن حبان إمّا أن يقولوا فيه ثقة أو أن يقولوا فيه هو صدوق فما كان بحثي فيه هذا الشمول وهذا التعميم الّذي تطرق له المؤلف اسمه ماذا ؟
الحلبي : عداب .
الشيخ : أه
الحلبي : عداب .
الشيخ : عذاب ، نسأل الله أن يخلصنا من أي عذاب .
الحلبي : عداب بالدال المهملة .
الشيخ : بالدال عداب .
الحلبي : عداب .
الشيخ : عداب .
سائل آخر : سؤال يا شيخ
الشيخ : نعم .
السائل : بالنّسبة للكثرة هذه التي ترفع الجهالة أقلّها كم ؟ الضابط الأقل هذه الكثرة ؟
الشيخ : تعني الرّواة الموثّق عند ابن حبان ؟
السائل : الّذين يروون عن راو بحيث ترتفع جهالته
الشيخ : كيف ؟
الحلبي : الرواة الذين إذا رووا عن مجهول ترتفع جهالته كم عددهم ؟
الشيخ : هذا الذي أقوله له ، أنا أقول له هذا الذي فهمته يعني الرواة الذين يروون عن الذي وثقه ابن حبان ، هذا هو سؤاله ؟
السائل : أي نعم .
الشيخ : طيب ، يعني الذي يبدوا لي أن المسألة ليس لها يعني نصاب وعدد معيّن لأنّه تقبّل الزيادة والنقص ، شأن هذه المسألة كشأن مسائل أخرى ، من ذلك مثلا الموضوع الذي اختلف فيه علماء المصطلح كثيرا وكثيرا جدّا حينما بحثوا في الحديث المتواتر وحاولوا أن يضعوا له عددا محدودا ، متى يكون متواترا ؟ منهم من قال أن يكون عدد الأحاديث التي جاءت من نحو أكثر من مائة طريق ، ثم نزل العدد عند بعضهم إلى عشرة من الرواة ، ثم لا يزالون مختلفين لأن القضية لا يمكن أن يوضع لها حدّ محدود ، والصّواب في مسألة التواتر عندي كهذه المسألة التي أنت تسأل عنها تماما إذا تصوّرنا حديثا رواه الخلفاء الأربعة وروى عن كل واحد منهم ثقة من التابعين كسعيد بن المسيب ونحوه فالنفس تطمئنّ إلى القطع بأنّ هذا الحديث صحيح يقينا فهو متواتر والعدد الّذين رووا هذا الحديث من الصّحابة هو مثلا ثلاثة أو أربعة لأنّ التّعريف الجامع المانع الّذي وضعه علماء الحديث هو ما رواه جمع عن جمع يستحيل تواطئهم على الكذب ، وممّا لاشكّ فيه ولاريب فيه أنّه إذا روى جمع من الثّقات مقطوع بثقتهم أنّ قوّة هذه الرواية تكون بلاشكّ أقوى بكثير ممّا إذا رواه مثلهم عددا ولكن توثيقهم ليس كتوثيق أولئك أي توثيقهم راجح لكن ليس يقينا فلا يكون عدد هؤلاء في إفادة التواتر واليقين كإفادة عدد الأوّل وهكذا ، كذلك إذا قلنا مثلا ومن شروط الحديث المتواتر عندهم أنه لا يشترط تتبع ومعرفة ترجمة كلّ راوي من رواة الحديث المتواتر بحيث أنه إذا روى جماعة من الرّواة المعروف ضعفهم في الحفظ رووا حديثا وعددهم كثير وكثير جدا يصبح حديثهم أيضا متواترا مع أنّ أفراد هؤلاء الرواة هم ضعفاء في ذوات أنفسهم ؛ لذلك قالوا لا يشترط في الحديث المتواتر معرفة تراجم هؤلاء الرواة لأنّ التّواتر هو الذي جعل اليقين في نفس الباحث أنّه يستحيل تواطئهم على الكذب إذا عرفنا هذا التفاوت في الثقة والضبط والعدالة في عدد التواتر ، ولذلك فلا يمكن أن يوضع له عدد محدود بجمد ويوقف عنده ، إنما ذلك يختلف بالنسبة لثقة وعدالة وضبط هؤلاء الرواة للحديث المتواتر ، فقد يقلّ وقد يكثر كذلك موضوعنا تماما إذا كان الراوي مثلا من طبقة ابن لهيعة ، عن ذلك الرجل الذي وثقه ابن حبان فهنا النفس تتطلب زيادة العدد لأكثر مما لو كان الرواة عن ذاك الرجل الموثق عند ابن حبان من طبقة الليث بن سعد ؛ فإذا المسألة يجب أن تدرس في كلّ راو دراسة موضوعية خاصّة فلا يوضع لها عدد مسمّى بحيث يشترك في معرفة هذا الرّاوي الذي تفرّد بتوثيقه ابن حبّان أنه من القسم المشهور أنه في زمرة المجهولين ؟ أم من هذا الإستثناء الذي قلناه آنفا أنّه ثقة بسبب رواية جماعة من الثّقات وانتهى الأمر ، ليس الأمر كذلك وإنّما كلّ راو يتطلّب دراسة خاصة من هم الذين رووا عنه ؟ فإن كانوا في نسبة الإمام اللّيث مثلا من حيث الشّهرة بالثقة والضّبط والعلم ونحو ذلك فتكتفي النفس حينذاك بأن يكونوا ثلاثة أو أربعة ، أمّا أن كانوا بمثابة ابن لهيعة المعروف بسوء حفظه فحينئذ النفس تتطلب عددا أكثر من ذاك العدد وهكذا ، نعم .
السائل : من المعلوم أنّ كثرة الرواة عن الرجل ترفع عنه جهالة العين لا جهالة الحال ... ؟
الشيخ : أي نعم .
السائل : وفهمنا من حديثكم من صنيع الحافظ ابن حجر والذهبي أنها قد ترفع أيضا جهالة الحال ، فألا يكون صنيع يحيى بن معين وابن حجر والذهبي
الشيخ : يحيى بن معين ؟
السائل : نعم كما ذكرتم على سبيل المثال أنهم يوثّقون من لم يعاصروه ، نعم ، أنّ توثيقهم للرّجل لا يكون من كثرة الرّواة عنه وإنما من كثرة رواياته وسبرها ومقابلتها بالروايات الأخرى ومعرفة أنّ الرّجل لا يهم ولا يخطئ كثيرا ؛ فمن هنا انطلق التوثيق منهم على هذا الرجل ولا يكون من كثرة الرواة ؟
الشيخ : يعني كأني أفهم من كلامك أن ما لجئ إليه الذهبي والعسقلاني وأنا معهم في ذلك , يخالف طريقة الأوّلين ؟
السائل : لا يا شيخ .
الشيخ : فإذا ؟
السائل : قد يكون الحافظ ابن حجر والذهبي لم يطلقوا الحكم على الرجل لكثرة الرواة إنما هم سبروا أحاديثه ...
الشيخ : لا ليس كذلك ، العبارة التي نقلها الأخ في ترجمة مالك أبي الخير لا تعني هذا الذي تقوله
السائل : نحتاج إلى الدقة في نقل العبارة وننظر في اللفظ يا شيخ ، هل هو يحتمل هذا أم هذا ؟
الشيخ : لا هو تعني كثرة الرواة عن الرجل ...
السائل : نعم كثرة الرواة هل تكفي في التوثيق ؟
الشيخ : لا لا ، نحن بحثنا الآن ما قاله الذهبي أوّلا وما صنعوه ثانيا ؛ فما قاله الذهبي واضح جدا أنه اعتمد على كثرة الرواة عن هذا الراوي وليس على سبر الروايات لهذا الراوي ، نعم .
سائل آخر : الذهبي قال إذا روى عن الرجل جملة من الثقات ولم يؤت بما ينكر عليه فأعدّ أمرين ، الأمر الأوّل الرواية جملة من الثقات ؛ الأمر الثاني أنه في حالة سبر مرويّاته لم يوجد ما ينكر عليه ؛ لأنه قد يكون الرجل يروي عنه جملة من الثقات كما هو معلوم لديكم ويكون سيّئ الحفظ ؟
الشيخ : نعم .
السائل : فورد عليه بما أنكر عليه فكأن الذهبي رحمه الله قيّد قاعدته بهذين الشرطين ، الشرط الأول جملة من الثقات ؛ الشرط الثاني لم يؤت بما ينكر عليه .
الشيخ : صحيح لكن هنا يأتي شيء وهو معرفة هل جاء عنه ما ينكر عليه أو لم يأت , نطمئن في هذه المعرفة من ذكر من ذكر الرواة عنهم ، ولم يذكروا أنّهم رووا عن ذاك المترجم الموثّق ابن حبان منكرا فبهذه الطريق نثل نحن إلى ما وصل إليه الأوّلون ؛ واضح الجواب ؟
السائل : ما تخصص ابن حبان في الراوي العام ...
الشيخ : هذا ما قلته آنفا ، لقد ذكرت آنفا .
السائل : يعني المزي ...
سائل آخر : شيخنا لو تعيد الجواب ما وضح عندي ؟
الشيخ : أقول آنفا ذكرت بأنّ ابن حجر والذّهبي يقولان في الرّاوي الّذي لم يوثّقه أحد بأنه تارة يقولون ثقة وتارة يقولون صدوق مع أنه لم يوثقه أحد ، لماذا ؟ لأنهم وجدوا أولئك الرواة الكثيرين قد رووا عن ذلك الراوي , فنحن لما نذكر ابن حبان السبب في ذلك أنه اشتهر بتوثيق المجهولين وإلاّ فالأمر أوسع من ذلك تماما حتّى لو لم يوثّقه ابن حبان وكان لراو ما كثرة من الرواة فهم يعتبرون على التّفصيل الذي يعني ذكرتموه وذكرناه معكم يعتبرون كثرة الرواة عن ذاك الراوي تعديلا له ولو لم ينصّ أحد من أئمة الجرح والتعديل بتعديله ؛ فإذا القضية مش خاصّة بمن وثقه ابن حبان حتى بمن لم يوثّقه أحد مطلقا ، هذا سبق آنفا وهذا تأكيد لما سبق نعم .
السائل : شيخنا عندي استشكال بالنسبة لهذه القضية وهي أنّ سبر الروايات يتطرق إلى جانب الضّبط ؛ وأمّا جانب العدالة عدالة الرجل في دينه فما أدري هل سبر الروايات ورواية جملة من الثقات عنه ترفع ذلك ؟ وخصوصا وجدت بعض التراجم أن الرجل يوصف بأنه حافظ , يوصف بأنه حافظ ومع ذلك تجده كذّابا ، ذكر هذا الدارقطني وأورد بعض تراجمهم الذهبي في ميزان الاعتدال .
الشيخ : صحيح .
السائل : فيا ليت تحل لنا هذا الإشكال خصوصا أن ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " عندما تطرق في رده على السبكي تطرق إلى توثيق ابن عديّ ، أظن لا أذكر أنا الرجل لكن عند ما تطرق إليه نبّه على هذه القضية قال ابن عدي أحيانا يعني يوثق الرجل نتيجة لسبره لمروياته وكأن بن عبد الهادي رحمه الله لم يعتد بهذه الطريقة والله أعلم ؛ فيا ليت تحل لنا هذا الإشكال الذي تعرضنا إليه ؟
الشيخ : أنا سبق أن ذكرت جواب هذا السؤال أخيرا ، نحن نستلزم من وجود كثرة من الرّواة عن راو ما مع عدم تنصيص أولئك الأئمّة الذين منهم استفدنا كثرة هؤلاء الرّواة عن ذلك الرّاوي من عدم تنصيصهم في كلّ من روى عن ذلك الرّاوي أنّه روى عنه منكرا استلزمنا من ذلك أنه ليس من هذا القبيل الّذي يكون في واقع أمره معروفا بالحفظ ولكنّه مع ذلك هو متهم في صدقه ، عرفنا ذلك من ذكرهم لهؤلاء الرواة وعدم تحدّثهم عنهم لأنه رروا عن ذلك المترجم في مثل ابن حبان مثلا رووا عنه شيئا منكرا والّذي أريد أن ألفت النّظر إليه بأنّ ما نقلته آنفا عن ابن عبد الهادي من قوله في ابن عدي أنّه يحكم على رجل من سبر أحاديثه هذه الحقيقة طريقة لابدّ للمحدّثين القدامى ثم المحدثين من أمثالنا من أن يعتمدوا عليها وبخاصّة أن ابن حبّان حينما يوجّهون قوله بأنّ الراوي عنده الأصل فيه أنه ثقة لأن الأصل في المسلم العدالة ؛ فإذا اقترن مع هذا الأصل عدم ورود منكرات في روايات أولئك الثقات عن هذا الراوي حينئذ تطمئنّ النفس ليس لكونه عدلا فقط بل وبكونه حافظا أيضا في نسبة ما روى من الأحاديث من طريق هؤلاء الرواة الثقات ؛ هذا الذي نعتقده في هذه المسألة ويجب أن نذكّر ختاما للجواب أن كثيرا من المسائل ليست هي من الوضوع كالمسألة الحسابية جمع وطرح وضرب ونحو ذلك ، لا ، هي من المسائل الفكرية التي قد تختلف فيها الأنظار وتختلف فيها الاجتهادات باختلاف نسبة العلم في كل هؤلاء المختلفين زيادة في العلم ونقصا تطبيقا وعدم تطبيق ، قد يكون علمه نظريا قد يكون علمه عمليا فيكون علم هذا المتخصص عمليا أقوى وأطمن للنفس من ذاك الذي اعتمد على علمه على العلم النظري فقط ، والله تبارك وتعالى أعلم .
سائل آخر : شيخ بالنسبة للكذب سبر الأخبار والأحاديث لاشكّ أنّه يكشف ذلك ...
الشيخ : كيف ؟
سائل آخر : بالنّسبة لسبر الأخبار و الأحاديث يكشف الكذب إذا كان يكشف الوهم والخطأ فهو من باب أولى يكشف الكذب يعني هذا توضيح لما ذكره الأخ بالنّسبة لمعرفة كثرة الرواة كيف نعرفهم ؟ من أوضح الطّرق ما ذكره المزي في تهذيب الكمال وهو غالبا لا يذكر أنّ هؤلاء الّذين رووا عن الرجل أو الذين روى عنهم هذا الرّجل أنّه يهم في أحاديثهم أو غيرها إنما هو يسرد قائمة بأسماء الشيوخ والتلاميذ ، ثم ينصرف إلى التّوثيق والجرح والتعديل فكيف نعرف من هؤلاء الذين ذكروا الشيوخ والتلاميذ أنّه يهم في حديثه عنهم مثلا ؟
الشيخ : كيف نعرف ما فهمت ؟
السائل : أنتم ذكرتم يا شيخ أنه غالبا من يذكر الشيوخ أو التلاميذ يبين أنه يهم في أحاديثهم أو لا يهم فلا يضطرنا ذلك ...
الشيخ : أنا قلت المفروض أن هؤلاء الثقات الذين رووا عن الموثّق من مثل ابن حبان المفروض أنّ هؤلاء الأئمة كابن أبي حاتم مثلا حينما يذكر روى عنه فلان وفلان لاشكّ أنّه هو وقف على روايات هذه الفلانات إذا صحّ التّعبير وقف عليها ؛ فإمّا أن يكون رأى فيها أمرا منكرا أو لم يرى فإذا قلنا بأنه رأى فسيقول كما يقول ابن حبان نفسه أنه يروي المناكير مثلا عن المشاهير ، وإن لم يقل ذلك فقد استنبطنا من ذكره رواية هذا الثقة عنه وعدم ذكره أنه روى عنه منكرا أنه لم يجد في رواياته منكرا لعلّ هذا جواب ما سألت ؟
سائل آخر : نصفه يا شيخ .
الشيخ : هات أشوف ما بقي من النصف الثاني ؟
سائل آخر : بالنسبة للمزي وللذهبي في السير وغيرهما ممن يذكرون التلاميذ والشيوخ وهم اقتنصوها مثلا من الكتب الستّة يجردها من روى عنه مشايخه وتلميذه دون سبر أخبارهم كما يفعل المزي والذهبي وغيرهما ، هؤلاء ما هي الطريقة معهما ؟ أو نخصّص ذلك فيمن ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ؟
الشيخ : لكن هؤلاء يا أخي الآن أخذ البحث طورا آخر ، الحافظ المزّي في تهذيب الكمال حينما يكثر من الرّواة عن المترجم لا يقصد ما يقصده أحدنا اليوم حينما يكثر من الرّواة عن الرّاوي الذي الأصل فيه أنه مجهول أو مستور ، لا يقصد باستيعابه للرّواة ما نقصده نحن اليوم ، فحينئذ إنمّا هو يعتمد على ما ينقله عن الحفّاظ النّاقدين المعدّلين أو الجارحين ، فنقله هذا يغنيه عن المقصد الذي نحن نتوجّه إليه حينما نتطلّب الكثرة من الرواة عن الرّاوي الموثّق من ابن حبّان ؛ فسبيلنا الآن في البحث يختلف عن سبيل المزّي في تهذيب الكمال لأنّهم يعتمدون على نقل الجرح والتعديل عن الأئمّة السّابقين لكنّنا إذا وقفنا في ترجمة في التّهذيب تهذيب الكمال يقول روى عنه فلان وفلان ، ثم لا شيء بعد ذلك ، هذا هنا يفيدنا ما نحن نقصده أما إذا قال روى عنه فلان وفلان وربما ذكر ذلك مائة راوي لكن بالأخير يقول وثقه الإمام أحمد وثّقه ابن معين ؛ إذا نعرف أنه لا يعني من هذا الاستقصاء ما نعنيه نحن في موضوعنا السّابق لكن إذا جاءت التّرجمة وهذه لها بعض الأمثلة في الواقع في التّهذيبين ، تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب يقول عنه روى عنه فلان وفلان وفلان ثم لا شيء بعد ذلك ، وقد يقول وذكره ابن حبّان في الثقات ، ثم لا شيء وراء ذلك وقد يقول وثّقه العجلي ولاشيء وراء ذلك فيختلف حينئذ نتيجة ترجمة مثل هذا عن ترجمة آخر يقول روى عنه فلان ووثّقه ابن حباّن أو وثّقه العجلي ، فلا شكّ أنه لا يجوز حينذاك التّسوية بين التّرجمة الأولى والتّرجمة الأخرى أعني الترجمة الأولى التي ذكر فيها أربعة أو خمسة من الثّقات ثم قال ذكره ابن حباّن وبين التّرجمة الأخرى الّتي ذكر عن المترجم راويا واحدا ثمّ ... .